*«الحمد لله الذي بَطَنَ خفِيـّاتِ الأمور(١)،ودلَّتْ عليه أعلامُ الظُّهور ، وامْتَنَعَ على عينِ البصِير ، فلا قلبُ من لم يرَهُ يُنْكِرُه ، ولا عينُ من أثبتَه تُبْصِرُه.(٢)
سَبَقَ في العُلُوِّ فلا شيءَ أعلى منه ، وقَرُبَ في الدُّنُوِّ فلا شيءَ أَقْرَبُ منه ؛ فلا اسْتِعلاؤه باعَدَهُ عن شيءٍ من خلقه ، ولا قُرْبُهُ ساواهم في المكان به.
لم يُطْلِعِ العقولَ على تحديدِ صِفَتِه ، ولم يَحْجُبْها عن واجبِ معرفتِه ، فهو الذي تَشْهَدُ له أعلامُ الوُجُودِ على إقرارِ قَلْبِ ذِي الجُحُودِ ، تعالَىٰ اللّٰهُ عمَّا يَقُولُه المُشَبِّهُون به والجاحِدُون له عُلُوًّا كبِيرًا !»
_____________________
*الخطبة (٤٩) من نهج البلاغة.
(١) بطَنَ الأمرَ: خبَرَه وعَرَفَ باطِنَه. المعجم الوسيط.
(٢) العبارة في أصول النهج:-« فلا عين من لم يره تنكره ، ولا قلب من أثبته يبصره» ولم أتَبَيّن وجهها؛ فاخترتُ الرواية الأخرى التي ذكرها ابن أبي الحديد في شرحه ثم قال:- «وهذا غير محتاج إلى تفسير لوضوحه».
★★★
#وفي نهج البلاغة أيضا:-
«فانظر أيها السائل فما دلك القرآن عليه من صفته فائتمّ به، واستضـِـئْ بنور هدايته، وما كلّفك الشيطانُ عِلْمَه مما ليس في الكتاب عليك فرضُه ولا في سنة النبي ﷺ وأئمة الهدىٰ أثرُه فَـكـِـلْ عِلْمَه إلى الله سبحانه، فإن ذلك منتهىٰ حق الله عليك، واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السُّدَد المضروبة دون الغيوبِ الإقرارُ بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدَح اللهُ اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمّىٰ تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدّر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين.»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق